في كردستان .. أب يقتل طفليه من الفقر

مشرف عدد المساهمات : 228 تاريخ التسجيل : 23/05/2008

فيما ينفق قادة الأحزاب الكردية 35 مليون دولار على عربدتهم وملذاتهم الخبيثة في ليلة رأس السنة الميلادية.. أب كردي يقتل ولديه الصغيرين بسبب الفقر المدقع ! - اطلع على تفاصيل الحادث
بقلم: مهدي مجيد عبدالله - الرابطة العراقية

قبل أن يحل العام الجديد 2010 صرح مسعود البارزاني بإنه عازم على جعل مدينة أربيل دبي ثانية في الشرق الأوسط، لكن شتان ما بين الكلام المنبري الخيالي المنمق والواقع التعيس الذي يعيشه اكراد العراق المحرومين من أبسط شروط الحياة الكريمة الشريفة، فقد نشرت وسائل الإعلام المحلية الحزبية والمستقلة في كردستان العراق، البارحة خبرا مفاده إن (أب ثلاثيني فاقد البصر قام بقتل ولديه، يبلغ أحدهم سنة واحدة، والثاني سبع سنوات، بسبب الفقر المدقع، في منطقة قرب ناحية بيستانه التابعة لمحافظة أربيل، وقد ألقت قوات الشرطة القبض على الاب وهو الان تحت التحقيق، ومن المقرر محاكمته قريبا وفقا للمادة 406 من القانون العراقي)..

إثر سماعي وقرأتي الخبر بات إعتقادي يترسخ أكثر بإن البارزاني في طريقه لجعل اربيل ومحافظات كردستان الاخرى مثل كابول وما شابهها من المدن، التي تتسم بإنتشار المجاعة والفقر والعوز، فضلا عن التمايز الطبقي (قلة حاكمة تملك مئات الملايين من الدولارات وأكثرية محكومة مضطهدة لا تملك الا القليل بالكاد يكفيها لرمق جوعها وستر عورتها)، وليس دبي العامرة الناهضة بإستمرار صوب الحضارة والعمران بسبب حكمة قادتها المخلصين لشعوبهم وهم في خدمتهم دوما.

إتصلت بصديق صحفي من سكان ناحية بيستانه مسرح الفاجعة وقد شهد الحادثة وتفاصيلها، فروى لي ما يقطع القلب ويجعله حزينا مقهورا طوال العمر:

الولدين الراحلين طلبا من ابيهما ان يشتري لهما ملابس جديدة كي لا يشعرا بالنقص والدونية وسط أطفال الجيران، سيما انهم قضوا سنة كاملة بزيين أثنين خارج البيت وداخله، لكن هيهات أن يستطيع الاب تلبية طلبهما وجيوبه فارغة حتى من ثمن الزاد، أب مسكين فقد بصره وهو لا يزال في بداية شبابه (30 سنة) لا يوجد لديه عمل أو دخل مادي سوى ما يتلقاه من الحكومة الطرزانية (40) دولار شهريا، ناهيك عن صدقات وإحسان أهل الخير والبر.

سنوات طويلة يلح الطفلان البريئان لتوفير حاجاتهم البسيطة من العاب وحلويات وملابس ليس شرطا ان تكون جديدة ، الاب في كل مرة لم تكن إجابته لهما سوى هزة رأس منحني ودموع حارة منهمرة على خديه قهرا يستشف منهما عدم أستطاعه، وهو يدرك جيدا في قرارة نفسه انه لم ولن يستطيع تلبية رغباتهم المشروعة هذه، عليه قرر وضع نهاية لمأساة عائلته، رفع سلاح الكلاشنكوف المجاور له دائما، وأطلق عدة أعيرة نارية عشوائيا كي يردي طفليه قتيلين، ثم زحف اليهما حاضنا إياهما والكلمات والانفاس تتحشرج في رئته ممتزجة مع سيل دموعه عينيه المعدومتين، قائلا (يا ولدي أعذراني لم اقتلكما كرها، بل من الفقر والعوز ومخافة ان يكون مصيركما مثل مصيري، إنسان ذليل لا يعيره اي احد اهتماما، حال الكلاب احسن من حالي)..

والأم المسكينة عند رؤيتها لولديها مضرجين بدمائهما يلتقطان أنفاسهما الاخيرة وعيونهم صوبها تطلب الغوث، وهي واقفة لا تستطيع ان تفعل لهما شيئا، فقدت وعيها وسقطت على الارض في حالة يرثى لها، حيث شعرها اشعث مغبر، ملابسها رثة، وبين إغماءة وأخرى كانت تفيق وهي على حافة الجنون تتنفس بصعوبة، تذرف الدموع، غير مصدقة لما حدث، متلهفة تطلب رؤية ولديها، تحرك يديها يسارا ويمينا تلطم صدرها، ووجهها محمر من لهيب قلبها المضرمة فيه نار الفراق، فراق لا يرجى بعده لقاء.

اضاف صديقي بإن بيتهم المبني من الطين والخشب كان أشبه بإطلال مرت عليه مئات السنين (جدران ذي لون قاتم، سقوف مشققة ينزل منها ماء المطر بكل إنسيابية محولا غرفة الى بِرَك مياه ، وفي هذا الشتاء البارد القارس، لا توجد فيه أي وسيلة تدفئة، ناهيك عن الفراش والاغطية التي كانت من فضلات البيوت والفنادق ملتقطة من النفايات والزبالة)..

ووفقا للمادة 406 من القانون العراقي سيسجن الاب ما يناهز العشر سنوات، ومن المؤكد إن مصيره إما الموت من الحسرة على طفليه، أو فقدانه لعقله، أو إمتهانه للتسول بعد إنقضاء مدة محكوميته والافراج عنه. والأمُ في أحسن الاحوال إذا لم تُجن أو تنتحر، ستبقى باكية مفجوعة طوال عمرها وقلبها يتقطع ومثل البركان يغلي ، وربما يدفعها الفقر الى ان تسلك طرق وسبل غير بريئة كي تحصل على ما يكفيها لعيش ايامها وليالها القاتمة الكالحة.

صديقي القارئ.. ما ذكرناه ليست قصة من نسج الخيال، بل هي واقع وقطرة من بحر المآسي والمرارة التي يتجرعها مساكين وفقراء كردستان منذ تسعينيات القرن المنصرم ، تأتي في الوقت الذي صرف مسؤولوا إقليم كردستان ما يقارب 35 مليون دولار على عربدتهم وملذاتهم الخبيثة في ليلة رأس السنة الميلادية (حسب ما افادت صحيفة كردية محلية).. ومن المؤكد ان اللصوص الفاسدين واتباع جلال ومسعود سيقولون بعدم تواجد فقير ومسكين على الشاكلة التي ذكرناها، واني أعذرهم لأنهم لا يتناول الطعام الا الاجود منه وفي ارقى الاماكن مطاعم وفنادق (5) نجوم ، أرصدتهم في البنوك لا تقل عن مئات الملايين من الدولارات، وبيوتهم ومنازلهم وعقاراتهم تنطاح السماء تقدر بآلاف الهيكتارات. وهم يقبعون في بروجهم العاجية ولا ينزلون الى قاع الذل والهوان الذي يعيش فيه الشعب سوى لمص دمائه.

دبي التي يحكمها محمد بن راشد افتتحت بداية 2010 اطول برج في العالم ومواطنوها ينعمون في بحبوحة من العيش، أما اربيل التي يحكمها مسعود البارزاني شهدت مقتل طفلين بريئين على يد أبيهما الضرير بسبب االعوز والفقر المدقع، وشتان ما بين المدينتين وحاكميهما ..!!