موضوع: مقاومة التسليب والعهر تحتج السبت يناير 30, 2010 12:43 am
صدق أو لا تصدق.. مقاومة التسليب واللصوصية والسرقات والابتزاز والعهر.. تحتج.! - تجربتي في سجن بوكا \ وقائع وشواهد
بقلم: حسين المعاضيدي
بعد وصول المحتلين إلى أرض الرافدين، وبعد إكمال احتلالهم للأرض والسماء ولدت المقاومة العراقية من رحم هذه الأمة الولود، وتنورت عقول الشباب بفكر الجهاد، فراحت كتائب المجاهدين تتوالد وتتكاثر بشكل يثلج الصدور، ويبعث في النفس السرور رغم سوء الحال والأحوال، وأخذت العمليات الجهادية تنطلق من كل ركن وصوب، من كل حارة وشارع، ولم يبق شبراً من أرض الوسط والغرب والشمال ما لم يتلطخ بدماء محتل غاصب لأرض العراق.
حينها كنت أحمل كاميرتي، وأوثق بطولات المجاهدين في محافظات كالأنبار وصلاح الدين والموصل وديالى والمنطقة الغربية من العاصمة بغداد، فقد بدأت المقاومة والجهاد من هذه المناطق التي أشعلت الأرض تحت أقدام الغزاة، وأذاقتهم صنوف الويل وأشكال الثبور، حتى جاء يوم اعتقالي بعد أن وشى بي صديق، كنت أظنه مخلصاً لي، ولبلده، قبل أن يتبين أن صديقي الذي كان يشاركني السكن يوماً، كوننا نحن الاثنين من محافظتين بعيدتين عن بغداد، فأنا من أقصى غرب العراق، وهو من أقصى الجنوب، لكن وعلى ما يبدو أن العرق دساس، وأن الصداقة والأخوة والمواطنة عند كثير من الجيل الذي سبق وعاش في ظل الاحتلال ليست سوى هواء في شبك الحياة، فغدر بي، وهو الذي كنت أعده الصديق والأخ والمقرب مني!
تنقلت بعد غدر صديقي بي في سجون وزنزانات ومعتقلات عدة، حتى انتهيت إلى حيث معتقل بوكا في أقصى جنوب العراق، على بعد كيلومترات عدة من الحدود التي دخلت منها القوات المحتلة إلى أرض العراق، حدود تسمت باسم (الكويتية) في بدايات القرن الماضي والتي انطلقت منها عاصفة الشر، باتجاه بلدنا الآمن حتى يوم الاحتلال،وهناك وجدت العجب العجاب! فقد فوجئت في البداية بوضعي مع الكثير من المساجين الذين تبين أنهم دخلوا المعتقل بتهم شتى، ومختلفة حملت جميع أنواع الجرائم إلا مقاومة المحتل، وهو ما أثار حفيظتي وحفيظة الكثيرين ممن كانوا يشاركوني ذلك المعتقل! نعم ساءنا جداً أن يتم سجننا مع اللصوص والسراق والقتلة والمجرمين ومختطفي الأطفال وزناة المحارم، فاتفقنا نحن الأسارى، على اعتبار أننا أسرى حرب بحسب القانون الدولي الذي يمنع حجزنا مع القتلة والسراق وزناة المحارم، ففاتحنا إدارة المعتقل بأن يتم فصلنا عن السراق والقتلة والمجرمين وقطاع الطرق، أو أن يتم نقلنا إلى سجن خاص بمعتقلي القوات المحتلة فقط، لكن إدارة المعتقل رفضت طلبنا لأن المناطق الجنوبية تخلو من السجون، كونها تحت سيطرة المليشيات، التي تقوم بإطلاق سراح كل من يدخل إلى تلك الزنزانات من اللصوص والمجرمين وقطاع الطرق، وهو ما اضطر المحتلين، بحسب قولهم، إلى إيداعهم في المعتقلات التي تسيطر وتشرف عليها هي، حتى لا يتم إعادة إطلاق سراح هذه النماذج السيئة.
كان رد الجانب الأميركي استفزازي بالنسبة لزملائي الأسارى، فهم يدركون طبيعة هؤلاء المجرمين الذين يتم خلطهم مع أناس، كان المحتلون أنفسهم يحترمونهم، كونهم يدافعون عن بلدهم، وهو ما جعلنا نعتصم بداية مطالبين بفصلهم عنا، وأستمر الاعتصام عدة أيام دون أن تتم تلبية مطالبنا المشروعة. انتظرنا فرصة أخرى لنعلن احتجاجنا على وضع قطاع الطرق وزناة المحارم معنا والمطالبة بإعادتهم إلى سجون المناطق الجنوبية التي تنتمي إليها تلك الوحوش البشرية، أو إلى أي منطقة أخرى، غير تلك المعتقلات، التي لا تضم سوى الشرفاء ممن لا ينامون على ضيم، ولا يغمض لهم جفن وبلدهم محتل، وأرضهم مغتصبة، وذات صباح استيقظنا على صرخات أحد الصبية وهو يستنجد بالمعتقلين لتخليصه من مخالب كلاب اجتمعت عليه كما تجتمع على قصعتها في محاولة للنيل منه، مستغلين وصوله حديثاً إلى المعتقل، وعدم معرفته، بواقع حال تلك المعتقلات، وأجناس سكانها، والتي كانت وحتى تلك الساعة خليطاً غير متجانس من مجرمين وشرفاء، مقاومين ولصوص، مجاهدين وزناة!
سارع كثير من الشباب لنجدة الصبي الجديد، فهاجموا إحدى الخيام التي كانوا يعدونها موبوءة لأنها لا تحوي سوى تلك النماذج الشريرة، التي أدمنت القتل والمخدرات والانحراف وشرب السموم، فنشب شجار عنيف استخدم فيه أسلحة بيضاء، ظهرت من حيث لا أدري، لتنتهي المعركة بمقتل ستة من المجرمين الذين حاولوا اغتصاب الصبي، فيما فاقت أعداد الجرحى أضعاف أعداد القتلى، ولأن حرس المعتقل لا علاقة لهم بما يجري داخل أروقة المعتقل فقد حُملت جثث المجرمين وألقيت على باب المعتقل، ومعها تهديد ووعيد بقتل كل حرس أميركي يدخل إلى أرض المعتقل، إلى جانب رفض إجراء التعداد الصباحي والمسائي، فضلاً عن رفض تناول الطعام، حتى يتم عزل المجرمين عن الشرفاء.
دخل معتقل بوكا في حالة إنذار قصوى، ووصلت إلى أرض ذلك المعتقل، الذي يقع في قلب صحراء قاحلة، لا يمر من فوقها الطير قوات أميركية مسلحة مدججة بمختلف أنواع الأسلحة، من بينها ما تسمى بـ(قوات الشغب) والتي تضم كلاباً شرسة، لا تفوقها شراسة سوى تلك الكلاب البشرية المتوحشة التي كانت تعيش معنا في المعتقل، من قطاع الطرق، واللصوص، والقتلة، والزناة، أخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة. هددت القوة المحتلة باقتحام المعتقل، وإطلاق الكلاب علينا، لتلتهمنا الواحد بعد الآخر في حال رفضنا الانصياع لأوامرهم بالجلوس في خيمنا، وحضور التعداد، وتناول الطعام، وحينما وجدونا مصرين على عدم الامتثال أطلقوا علينا الكلاب التي عاد بعضها إليهم على وجه السرعة، فيما تلقفنا بقيتها وألقينا عليها البطانيات، لننهال عليها ضرباً مبرحاً، بأيادي والأقدام حتى تحول كثير منها إلى إطلال لكلاب، كانت يوماً ما تسمى بوليسية، ما دعا سلطات المعتقل إلى طلب وفد منا للتفاوض معه، وكانت طلبات وفدنا المفاوض تتلخص في إعادة قطاع الطرق والمجرمين والقتلة والسراق والزانون بالمحارم إلى سجون المناطق الجنوبية التي جاءونا منها، وعدم زج أي سجين بتهمة جنائية مع المعتقلين، إلى جانب المطالبة بعدم وضع الأطفال والصبية مع البالغين في نفس المعتقل.
رفض الجانب الأميركي بداية هذه الطلبات، لكنه عاد بعد سويعات ليبلغنا انه سيتم استحداث معتقلات جديدة بجانب بوكا أو من ضمنه تحوي سجناء المناطق الجنوبية الذي يأتون بتهم وجرائم تسيلب وقتل وزنا بالمحارم وغيرها، وبالفعل فبعد أيام قلائل أوفى المحتلون، على غير عادتهم، بوعودهم وأنشئوا سجوناً بجانب المعتقلات ليتم وضعهم فيها، ولتنتهي بذلك إحدى مآسينا التي كنا نعيشها في ظل وجود مثل تلك النماذج المنحرفة، لكن مأساة أخرى طفت على السطح، حيث كان الكثير من قطاع الطرق يتوقفون في مجاميع مجرمة على طرق المحافظات الجنوبية، في زمر وعصابات لا ترحم، تقوم بتسليب ذوي المعتقلين وعائلاتهم التي تذهب من أقصى غرب العراق، ومن محافظات الشمال، ومن العاصمة بغداد، لزيارة ذويهم في معتقل بوكا، لتعلن تلك العصابات عن وجهها القبيح، مدعية بأنها أحد فصائل المقاومة، ناسبة نفسها إلى حزب طائفي مقيت، جاء مع المحتل، وأصبح أحد ركائز المحتل، وأحد دعامات العملية السياسية التي أوجدها المحتل، ألا وهو ما يطلق على نفسه تسمية (حزب الله- تنظيم العراق)، والله ورسوله برئ من المجرمين، والظالمين، والقتلة، وقطاع الطرق، وفصائل الكذب، والدجل، والعهر، والخيانة، والجاسوسية، الذين يسرقون ويقتلون كل من يسلك ذلك الطريق، من نساء وأطفال وكهول..
حتى أن البعض من تلك العائلات كانت تضطر للمبيت في العراء أياماً طويلة، بعد أن تسرق مركباتهم وأموالهم ومتاعهم، وتصادر هوياتهم تلك العناصر التي تدعي المقاومة، وهي التي تنطق جرماً وطائفية مقيتة، كوجوههم الكالحة السواد، في وقت كانت تصدر عنهم بيانات يصفون أنفسهم فيها بالمقاومين والمجاهدين والمناضلين ووو غيرهم الكثير من الرداءات التي لا تليق بأناس كهؤلاء، فالمجاهد، والمقاوم، والمناضل، من يوجه سلاحه إلى المحتل والى عملائه، كهيئتهم هم، لا أن يقوم بتسليب النساء اللواتي يذهبن لزيارة فلذات أكبادهن في معتقلات المحتلين، أخزى الله المحتلين، وأخزى تلك الزمر المجرمة الطائفية التي عملت منذ أول أيام الاحتلال على تثبيت أركان المحتل من خلال نشر الجريمة وتشويه صورة المقاومة بادعائهم إياها.
استذكرت تلك الأيام الغابرة، التي لا تزال كثير من تفاصيلها مستمرة، من سرقات، وتسليب، وقتل وتقتيل، وخطف، وجرم مشهود من خلف ستار عمل مقاوم، لا يستهدف المحتل، ولا أقزامه، ولا عملائه، بل يستهدف أبطال الجهاد والمقاومة أينما كانوا، وكيفما كانوا، ممن يبغون ويسعون لرفع راية الله ورسوله في أرض الأمجاد، وتحرير الأرض، ورد كيد المحتلين، وتنظيف البلد من نفايات المحتل التي جاء بها بعد احتلاله للعراق قبل سنوات سبع، فقد شدني بيان أصدره أحد أحزاب السلطة، والمعين الذي لا ينضب للمحتل في مناطق جنوب العراق، الذي ابتلي بمثل تلك العصابات المجرمة، التي تحسب نفسها فصيلاً مقاوماً، ولا اعرف على أي شيء تستند لتحسب نفسها على ملة المقاومة والجهاد، اللهم إلا على جرمها ووحشيتها ولصوصيتها وجاسوسيتها، فقد تهجم البيان على مقاومي العراق الشرفاء، فأخذوا ينسبون لأنفسهم بطولات مجاهدي العراق البواسل، ويدعون أنهم من وقفوا ضد العدوان تماماً كما فعل سيدهم الأكبر قبل أيام راح هو الآخر يدعي رفعه لواء المقاومة مع أن جنود جيشه المفترض علامته الفارقة نحر المقاومين وقتال المجاهدين وتسليب دور الآمنين، وتثبيت أقدام المحتلين في بغداد وكل المناطق التي تطالها يد جيش الدجالين.
ومع أنني لا أكتب عن التفاهات، ولا عن الحثالات وأوراق المحارم التي تنتفي الحاجة إليها بعد استخدامها مرة واحدة، لكنني وجدت نفسي وتبياناً للحقائق مضطراً للتطرق إلى هذا الموضوع، خصوصاً بعد أن تجرؤوا في بيناتهم العفنة التي صيغت بأنامل طائفية مقيتة، كسلوكهم الشاذ، حينما راحوا يكيلون الاتهامات على المقاومة التي يسمونها هم بـ(السنية) والتي نطق عليها نحن تسمية المقاومة (العراقية) وفصائل الجهاد المقدس، فيصفون الأولى بالطائفية، ويوصمون الثانية بالمجرمة، وبأنها موالية لأنظمة أخرى، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي قبل الداني، من هم مجاهدو أنبار قلعة الصمود والإباء، ومن هم مجاهدو الموصل الذين أركعوا المحتل، ومن هم أسود ديالى، وذئاب صلاح الدين، ولعلهم لا يعلمون صولات أبناء الحويجة وكركوك، وأن تناسوا كل ذلك، كيف لهم أن يتناسوا الكرخ، والأعظمية، وما أدراك ما الأعظمية، والعامرية، والغزالية، وأبو غريب، والفضل التي شهد لها الشرق والغرب، ولن أتحدث عن الفلوجة، لأن الحديث يطول حينما نتحدث عن بطولات وأمجاد أهلها في صد العدوان.
لا أدافع عن مجاهدي أبناء الوسط والشمال والغرب، فالمحتل قبل غيره يعرف من هم، والعملاء أنفسهم يعرفون من هم، والمتملقون، وأربطة حذاء المحتل هم أيضاً يعرفون من هم مجاهدو تلك المناطق، الذين كسروا هيبة أميركا ومرغوا أنفها في التراب، تلك المقاومة، وأولئك المجاهدين الذين أخرجوا أميركا من أول أشهر الاحتلال من أرض الرافدين، لولا طعنات الظهر التي جاءتهم من مناطق أخرى، ومن أحزاب السلطة، ومن فصائل تدعي المقاومة والجهاد وهي تضرب المجاهدين بلا رحمة، كهذا الفصيل الـ(نكرة) الذي يدعي المقاومة، والذي لا يعرفه سوى ضحاياه الذين قتلهم وأفرغ جيوبهم من سالكي الطرق الجنوبية المتجهين إلى معتقل بوكا وبقية المناطق التي تحوي عائلات وعشائر تخالف طائفتهم.
تلك هي بطولات ذلك الحزب الذي يدعي الجهاد والذي راح يسب في مجاهدين، رفعوا راية الإسلام خفاقة في سماء العراق، وأعادوا للعراق هيبته، بعد سقوطه السريع والمريع في قبضة المحتلين، ليعود العراقي يقابل بالورد وبالرياحين حين زيارته للبلدان الأخرى، بفضل الله، وقوة، وبأس مجاهديه النجباء ومقاومته الظافرة. كنت قد قررت الرد ببلاغة أكثر على ترهات هذه النماذج الدخيلة على مقاومينا ومجاهدونا البواسل، لكننا بحاجة لكل كلمة، ولكل حجر، لنقذف به عدونا، ونترك الكلاب التي تعوي، التي لو ألقمناها حجراً لأصبح مثقال الحجارة بدينار، ذلك الدينار الذي أصبح في قاموسهم اليوم ذا قيمة، خصوصاً بعد إغلاق معتقل بوكا، وتوقف الناس عن زيارة تلك المناطق فكسدت تجارتهم الرائجة، وتوقفت (مقاومتهم) التسليبية، وهو ما يُعجّل بعودتهم كسابق عهدهم، إلى حيث كانوا في سوق (مريدي) الشهير الذي يطلق عليه أبناء العاصمة بغداد (سوق الحرامية)، حيث مستقرهم إلى حين خروج المحتل، ليشاركوه الهرب، خوفاً، وخشية من قصاص العدالة، التي لابد أن تطالهم يوماً، عاجلاً أم آجلاً، وأن غداً لناظره قريب..
فهنيئاً لنا الجهاد المقدس الذي هز أركان عرش المحتل، وهنيئاً لنا مقاومتنا التي قضّت مضاجع العملاء، مقاومة وجهاد تصدرا المنابر والمؤتمرات والتجمعات، وقبل ذلك سوح الوغى.. وهنيئاً لكم مقاومة اللصوصية والسرقات والابتزاز والعهر يا .. مقاومو التسليب! (عن الرابطة العراقية)