مذيع يظهر فجأة : أيها المواطنون ، يا أبناء مصر العظيمة ، نذيع عليكم بعد قليل خطاباً تاريخياً هاماً لقائدنا العظيم فرعون لمناسبة الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد ، فإلى ذلك نسترعي الانتباه ..
يختفي المذيع و نستمع إلى إيقاع .. يا مصر يا أم الدنيا ** بحب عشانها الدنيا ** ما غابتش عني ثانية ** نايم صاحي قدامي .. و بلادي بلادي بلادي ** لك حبي و فؤادي .. مصر يا أم البلاد ** أنت غايتي و المراد.. ثم : مصر هي أمي ** نيلها هو دمي ** شمسها في سماري ** شكلها في ملامحي ** حتى لوني قمحي ** لون خيرك يا مصر ... أناشيد و أغان وطنية ..
تنقطع الأناشيد فجأة ليعود المذيع من جديد : أيها الشعب المصري العظيم ، كلما مرت بلادنا العظيمة مصر بخطر أو تعرضت إلى شر كان قائدنا و حبيبنا فرعون دام ملكه حاضر بيننا ، يشعر بما نشعر ، و يعايش ما نعايش ، يصارحنا بكل الحقائق دون أي تغيير ، يناقشنا و يحاورنا و يأخذ بآرائنا بما يخدم المصالح العليا للبلاد ..
و اليوم ، و بعد ظهور الفئة الضالة التي أبت إلا أن تفسد على شعب مصر العظيم أفراحه و احتفالاته لمناسبة عيد ميلاد القائد العظيم فرعون يقف القائد كعادته ليصارحكم و ليتحدث إلى أبناء شعبه الذي أحبه و قضى و لا زال يقضي كل وقته لتحقيق أمنه و رخائه و سعادته..
أيها الشعب المصري المناضل ، القائد العظيم فرعون يتحدث إليكم ..
يختفي المذيع ، و تظهر صورة نسر مع العلم المصري مع صورة لفرعون بلباس العسكر و هو يحمل سلاحاً ذا قبضة ذهبية ، و تبدأ الموسيقى بعزف السلام الوطني ، ينتهي العزف ، و تختفي الصور لتظهر شيئاً فشيئاً صورة فرعون ، أمامه باقات من الورود و خلفه خارطة مصر موشحة بالعلم المصري ، و قد تقلد ذات السلاح ذو القبضة الذهبية الذي ظهر معه في الصورة السابقة ، و يبدأ الخطاب :
أيها الشعب المصري العظيم ، يا جماهير أمتنا الفرعونية المجيدة ، أحييكم بتحية الثوار و المناضلين ، أحيي كل العمال و الموظفين ، أحيي كل رجل في جيش مصر الباسل ، أحيي كل رجال و نساء و أطفال مصر العزيزة ..
أيها الإخوة : كما تعلمون فقد ظهرت فئة ضالة غريبة عن هذا الشعب ، يتزعمها رجل لطالما ربيناه و سهرنا عليه ، بعد أن أنقذناه من الموت ، إنه موسى الذي نشأ و تربى و ترعرع في قصرنا الذي هو قصر الشعب ، و إذا به يتنكر لليد التي امتدت إليه ..
لقد أرادت هذه الفئة الإرهابية أن تخرجكم من وطنكم العزيز الذي أعلم أنكم مستعدون للموت في سبيله ، و أرادت أن تذهب بحريتكم و طريقتكم المثلى في الحياة الديمقراطية الحرة ، كل ذلك بسحر و شعوذة يقوم بها زعيم هذه الفئة الضالة ، كما إنهم أرادوا التفريق بين الشعب المصري و قيادته عبر إنكار ربوبية قيادتكم الحكيمة ، و أنا لا أعلم لكم يا أبناء شعبي العظيم إلهاً غيري ، و قد حاولت هذه الفئة الضالة استغلال الدين لنشر أفكارها ، مع العلم أن الدين منهم بريء ، هكذا أفتى علماءكم الأعلام و على رأسهم سماحة مفتي البلاد ، و هو عالم كبير ، و لا يمكن أن تكون هذه الفئة الضالة أعلم منه بالدين ...
لقد سلكنا كل سبيل مع هذه الفئة المنحرفة ، فقد حاولنا محاورتهم بالأسلوب الحضاري الحر عبر إقامة مناظرة بيننا و بينهم يوم الزينة الماضي ، حيث تبين لنا أن المؤامرة أكبر مما كنا نتصور ، إذ ظهر أن موسى استطاع أن يستميل بعض ضعاف النفوس من سحرة القصر ، فاصطنعوا أمام الناس أنهم لم يقدروا على مواجهة موسى بقصد التغرير بشعبنا المصري الواعي الذي أدرك أبعاد تلك المؤامرة الدنيئة فأنزل عقابه العادل بهؤلاء السحرة الخونة بقطع أيديهم و أرجلهم و صلبهم على جذوع نخل هذه الأرض الطيبة ..
و ها أنا اليوم أعلن لكم أننا قررنا تمديد فترة العفو الذي سبق أن منحناه لمدة شهر لأفراد هذه الفئة ليعودوا إلى رشدهم و يسلموا أنفسهم للسلطات ، و بعد انقضاء مدة العفو فإني أعدكم بأن قيادتكم ستضرب بيد من حديد كل من يحاول زعزعة أمنكم و استقراركم (يشير إلى سلاحه)، و إن مصر العظيمة التي شهدت ولادة أول حضارة إنسانية ، و كانت أول من علم الناس الكتابة و بلغ عمرها آلاف السنين لا يمكن أن تهزمها شرذمة من العملاء الخونة الحاقدين ...
عاشت مصر حرة ..
المجد لشهدائنا الأبرار ..
الموت للخونة العملاء ..
تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر ...
تختفي صورة فرعون لتظهر الصور السابقة من جديد مصحوبة بموسيقى السلام الوطني ..
المشهد الثاني
أغان و أناشيد وطنية
مذيع يسأل أحد المارة في الشارع : إيه رأيك في خطاب مولانا فرعون ؟ يجيب بحماس : أولاً أنا باهني الإله فرعون بمناسبة عيد ميلاده ، و عقبال مليون سنة ، و باقول له : الإرهابيين مش حيقدروا أبداً ينَسّونا عيد ميلادك ، و أنا عايز أقول لسيادتك حاجة ، و عايز الدنيا كلها تسمعني ، مصر مش حاتنهزم أبداً ، لا قدام موسى و لا قدام غيره ، دي حضارة يا ابني عمرها آلاف السنين ، و باقول لمولانا فرعون إحنا معاك ، معاك للنهاية ، مش حانسيبك ، بس أهم حاجة إنك ما تسيبناش ...
بعض المارة تجمعوا و راحوا يهتفون بحماس : بالروح بالدم نفديك يا فرعون ...
مذيعة هذه المرة ، تستوقف فتاة : إيه رأيك في خطاب فرعون النهارده ؟ تجيب بغنج و ميوعة : كان خطاب لذيذ جداً ، و احنا تعودنا على خطاباته الحلوة ، و لما ما بيخطبش بنزعل قوي قوي ..
طيب لو كنتِ إنتِ بدل موسى و الإرهابيين اللي معاه كنتِ عملتِ إيه ؟ تجيب : كنت سلمت نفسي طبعاً ، يعني المفروض إن الإرهابيين دول يحمدوا ربنا إنه فيه ناس بتقول لهم سلموا نفسكم ، ده احنا لو في بلد تاني كانوا قتلوهم من زمان ...
المذيع الأول يستوقف أحد الأطفال : إزيك يا حبيبي ؟ ، إنت سمعت خطاب بابا فرعون النهارده ؟ يجيب الطفل : أيوه سمعته . يسأله : إيه رأيك فيه ؟ ، يجيبه ببراءة : حلو . يعود ليسأله : لو شفت واحد عايز يطلعك إنت و ماما و بابا من بيتكم تعمل له إيه ؟ يجيبه بذات البراءة : ما اطلعش من البيت ، يسأله المذيع بخبث : يعني مش حاتدافع عن نفسك ؟ تضربه مثلاً تموته ؟ يجيب الولد : آه .. أضربه ...
تعود الأناشيد الوطنية ..
المشهد الثالث
جيش جرار تجمع في هذه الناحية من البلاد ، و قد تجهز بأحدث الأسلحة ، قادة الجيش يواصلون اجتماعاتهم و يحثون الجنود على التدريب و يعملون على بث الحماس فيهم عبر الكلمات و المحاضرات ، بعض الجنود ينشدون في حب فرعون ، و بعضهم يأكل ، و بعضهم يلعب ، و الهدف المعلن من كل ذلك هو القضاء على الإرهابيين الموسويين ، و غير بعيد عن هذا المشهد تقف خيمة القائد العام للقوات المسلحة فرعون الذي ينتظر منه الجميع إشارة بدء المعركة ، و في الناحية الأخرى يقف موسى و من معه بلا عدد و لا عدة متطلعين إلى وعد الله لهم بالنصر فحسب ، و كلهم ثقة في ربهم ، كل المحللين العسكريين و الخبراء الاستراتيجيين مجمعون على أن هزيمة موسى و من معه حتمية ، و معنا الآن أحد المحللين الاستراتيجيين ، ماذا تتوقع فيما لو اندلعت الحرب بين جيش فرعون و هذه المجموعة الصغيرة التي مع موسى ؟ يجيب المحلل : في الواقع إنو من الخطأ تسمية الحكاية دي بالحرب ، لأن الحرب بيبقى فيها جيوش المفروض إنها تكون متساوية أو متقاربة في التسليح و التدريب و الخطط الحربية ، أما اللي أنا باتوقعه فهو هزيمة ساحقة لموسى و الإرهابيين بتوعه ، لأن ميزان القوى مختل خالص ، يعني أنا أعتقد إن الحكاية محسومة بكل تأكيد لفرعون ...
يأتي الأمر الإلهي لموسى و من معه بالسير باتجاه البحر ، و المسير داخل البحر على الأقدام ، موسى ينفذ الأمر و يأمر من معه بالتنفيذ ، تشعر القيادة الفرعونية بالأمر ، فرعون يصدر أوامره ببدء الحرب ، و على الفور تتحرك قواته لتصل إلى قرب الشاطئ ، يقول بعض رجال موسى و قد رأوا ذلك العدد و تلك العدة : إنا لمُدْرَكون ، لن ننتصر في هذه المعركة ، و يرد موسى بكل ثقة : كلا إن معي ربي سيهدين ، الله هو الذي يقود المعركة و لستُ أنا .
ينفلق البحر إلى نصفين كل نصف كأنه جبل عظيم شامخ ، و بين النصفين يظهر مثل الجسر ، يعبر موسى و من معه إلى شاطئ الأمان ، يفاجأ فرعون و جيشه بهذا الحدث ، لكنهم يصرون على ضرورة القضاء على هؤلاء الإرهابيين ، يتقدم فرعون الجيش و يحمسهم و يدعوهم إلى ملاحقة الإرهابيين إلى حيث دخلوا ، فيقول و قد شهر سلاحه ذو القبضة الذهبية : أنا حاكون قدامكم يا أبطال مصر علشان ما تقولوش قيادتنا بعيدة عننا ، أنا حادخل و انتو ورايا ، أوعوا تسيبوهم لازم تقضوا عليهم النهارده و تريحوا بلدكم منهم و ما تنسوش إني أنا ربكم الأعلى..
و يدخل فرعون و يتبعه الجنود .. و ينطبق نصفا البحر على فرعون و جنوده .. و يصرخ فرعون : فين الجنود ؟ الحقوني ، ربكم الأعلى بيغرق ، الحقني يا هامان ، إعمل أي حاجة ، اتصل بموسى قل له إحنا مستعدين للتفاوض ، قل له أي حاجة بسرعة ، بسرعة يا هامان ...
موسى يرى المشهد فيحمد الله على نصره ، فرعون في أنفاسه الأخيرة ينادي : اسمع يا موسى ، أنا مستعد اديلك اللي انت عاوزه بس اعمل حاجة و طلعني ، عاوز فلوس عاوز دهب عاوز الملك بتاعي ، خذ كل حاجة بس طلعني ...
يقول موسى : لقد أردت منك ما هو أقل من ذلك ، أردتك أن تقول لا إله إلا الله فأبيت ..
يقاطعه فرعون : طب اسمع ، أنا آمنت بأي حاجة تقول لي عليها ، أي حاجة آمنت إنت و بني إسرائيل بيها ، بس خلصني . خلصني يا موسى أرجوك ، إنت راجل شهم و شجاع ، يا موسى .. يا موسى .. يا موسى ..
يترك موسى فرعون و يتجه صوب قومه و فرعون يصرخ بأعلى صوته .. و يختفي الصوت شيئاً فشيئاً إلى أن ينقطع تماماً ...
المشهد الأخير
بعد بضعة آلاف من السنين ..
لقاء في التلفزيون المصري مع أحد علماء الآثار ..
المذيعة : أعزائي المشاهدين بنرحب معاكم بالدكتور أبو النجا عالم الآثار المعروف ، و اللي حيكلمنا النهارده عن اكتشاف أثري مهم جداً تم العثور عليه في أعماق المياه ، و هو عبارة عن قبضة سلاح فرعونية يعود تاريخها إلى آلاف السنين ، أهلاً بيك يا افندم ..
عالم الآثار : أهلاً و سهلاً ، و أنا متشكر جداً ، و بحب قبل الكلام عن هذا الاكتشاف المهم جداً أن أتقدم بأحر التهاني لسيادة رئيس الجمهورية بمناسبة عيد ميلاد سيادته ، و باقول له : عقبال مليون سنة يا رب .. و باقول لسيادته كمان إن أجدادك الفراعنة هم دول اللي قدموا للناس الحضارة ، ربنا يوفقك و يجعلك زيهم و يجمعك بيهم ..
أما الاكتشاف اللي تكلمتِ عليه حضرتك فهو عبارة عن قبضة سلاح فرعونية زي ما قلتِ مصنوعة من الذهب الخالص ، عثر عليها فريق أجنبي في أعماق البحر و يعتقد إنها ذات قيمة عالية جداً ..
و لا زال الفريق لحد ده الوقت بيعمل تجارب على الحتة دي ، و أظن إن النتائج حتكون كويسة قوي بإذن الله ..
المذيعة : طيب يا دكتور العلماء ما قدروش يعرفوا القبضة دي بتاعة مين في الفراعنة ؟.
عالم الآثار : و مش ممكن حيقدروا أبداً ، لأن الفراعنة كانوا كتير قوي ، و مش ممكن نميز الحاجة دي بتاعة مين و دي بتاعة مين فيهم ...