دخول المسيحية مصر .
كالعادة اختلف الباحثون حول تحديد الزمن للحقبة القبطية .
ـ منهم من يرى أنها كانت بالقرن الأول الميلادي على يد مرقص
ـ منهم من يرى أنها كانت بالقرن الثاني والتي نشأت فيها اللغة القبطية
ـ منهم من يرى أنها كانت بعام 284م وهي السنة التي بدأ أقباط مصرتقويمهم في عهد الإمبراطور دقلديانوس
ـ منهم من يرى أنها كانت بعام 313م التي أعترف فيها الإمبراطور قسطنطين بالمسيحية دمجاً بالوثنية بمرسوم " ميلان".
ولكن أستقر الرأي بالقرن الثالث الميلادي والذي شهد دخول المسيحية بمصر .
والمعروف أن كلمة ( قبطي ) هي مشتقة من الكلمة اليونانية " جيبتوس " والتي كان يستخدمها اليونانيون كأسم لمصر وهي تحريف للأسم المصري القديم الذي كان يطلق على مدينة { ممفيس هايبتاج } أي "البيت الذي يسكن فيه روح بتاح" أحد الآلهة المصرية القديمة .
كانت الكنيسة بمصر ترفض القرارات التي كانت تصدرها الكنيسة التابعة للدولة البيزنطية في عاصمتها القسطنطينية . إذا تعارضت مع قانون الإيمان للكنيسة المصرية ... فعلى الرغم من تظاهر المسيحيين بالتجانس بين طوائفهم إلا أن الحيقيقة مخالفة للظاهر ، فالتفكك والأختلاف في العقيدة والإيمان من الأزل .
سكن اليونانيون عواصم الأقاليم المصرية وتركوا الريف ، ولم يحدث تجانس بين أقباط مصر واليونانيين فظهرت لغة وطنية وهي اللغة القبطية ، وقد قبل المصريون بها لغة نظراً لكرههم للبيزنطيين وليس لحلاوة اللغة القبطية .
وكان المتبع يومياً هو أن المصريين يقدموا كل صباح أحمالا من القمح إلى الدولة البيزنطية وقد عرفت باسم ( الشحنة السعيدة ) بالإضافة إلى العديد من الضرائب الثقيلة والكريهة إلى جانب مذلة السخرة المفروضة على العمال والفلاحين في القرى .
ومن موظفي اليزنطيين كان الموظف المنوط بجمع الضرائب الذي عرف دائماً بغلظة وبذاءة لسانه ، كما أن موظفي هذه السلطات جميعاً كانوا فاسدين .... ففي إحدى البرديات التي ترجع إلى العصر البيزنطي في مصر نطالع التالي : أقدم أحد الموظفين البيزنطيين بغزو إحدى القرى بعصابة من جنده . وقد سلك هؤلاء مسلك قطاع الطرق . فاعتدوا على النساء واقتحموا أديرة الراهبات . وسدوا القنوات . وزجوا بالقرويين في السجون . وابتزوا أموال الناس . وسطوا على الماشية . ولم يتورعوا عن تجريد القوم حتى من ثيابهم .
والمسيحية كما نعلم تقول :
متى
5: 39 لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا
ولهذا كان الذل والعبودية للمصريين ، فقد عان المصريين من ويلات حكم الرومان والبيزنطيين حتى قدر لمصر أن تتحرر من هذا الكابوس عندما قدم العرب بقيادة عمرو بن العاص لتخلص مصر من أيدي البيزنطيين .
كانت الاسكندرية مسرح للعلم والعلماء بفضل مكتباتها ومدارسها ، فمنذ عهد البطالمة كان هناك دار خاصة للدراسة والبحث باسم { دار ربات الفنون التسعة } ، وكان العلماء يقبلون على الأسكندرية من حدب وصوب .
فأنشأت الكنيسة مدرسة مسيحية لمقاومة المدرسة الوثنية ومنافستها بتقديم مميزات اكثر لجذب الشباب للمسيحية ، ونظراً لعدم وجود ترجمات للكتاب المقدس في ذلك الوقت فقد أكتفت الكنيسة بعتليم الشباب للمسيحية بنظام سؤال وجواب .
ولكن فشلت المدرسة المسيحية مقاومة المدرسة الوثنية ، فلجأت المدرسة المسيحية لعلم الفلسفة أسوة بالمدارس اليونانية .
وعندما تطرقت المدرسة المسيحية لعلم اللاهوت كان لقرار مجمع خلقدونية عام 451 م الأثر الكبير لفشل هذه المدرسة المسيحية حيث أدان المجتمعون فيه كنيسة الإسكندرية بخروجها عن قواعد الإيمان ، فانهارت أنهيار كامل وانفصلت كنيسة الإسكندرية عن كنائس بيزنطة وروما ، ونشبت خلافات ونزاعات بين المسيحيين والوثنيين .
فظهرت بعد ذلك مدارس مسيحية أخرى تسرب إليها الوثنيين وبدأ بث التعاليم الوثنية وأندماجها مع الديانة المسيحية ، ومنها احتفظت الكنيسة بفن العمارة الفرعونية الوثنية في بناء الكنائس والأديرة ويمكن التعرف على بعض تلك الخصائص ومنها سُمك الحوائط وقلة الفتحات والنوافذ وبروز الزخارف الظاهرة على النوافذ المغطاة بالزجاج الملون .
واستمرت المسيحية واندماجها بالوثنية إلى أن جاء عصر الإمبراطور البيزنطي هرقل ( 610 ـ 641 م ) والذي اضطهد المصريين حتى أن بطريرك الإسكندرية المصري بنيامين اضطر سنة 630 م إلى الفرار إلى الصحراء هروباً من بطش السلطات البيزنطية . والتي أرادت فرض مذهب هرقل الديني . والذي تندر عليه المصريون فوصفوه بالمذهب " الملكاني " أي الخاص بالملك .
والمعروف لدي الجميع ضعف المسيحية والخوف والجبن الذي يسيطر عليهم لفقدانهم الشجاعة والجراءة والدفاع عن أعراضهم وشرفهم ، فكان أول الجبناء المثل الأعلى لهم وهو البطريرك بنيامين بطريرك الإسكندرية ، فقد تقدم إلى الكهنة والشعب وطلب منهم أن يثبتوا على عقيدتهم حتى الموت ، أما هو فقد فر بعمره وحياته تحت جنح الظلام ومضى إلى الصعيد تارك الكهنة والشعب أمام بطش هرقل ونشر الوثنية ، وظل مختفياً هناك حتى علم بقدوم عمرو بن العاص إلى مصر وذلك بعد عشر سنوات .
عشر سنوات أختفى هذا الجبان تارك دينه وأهله وشعبه وفر بعمره خوفاً من بطش البيزنطيين ...أين الشجاعة والإقدام والفداء والدفاع عن دينه ووطنه وشعبه وأهله ؟ أهذه هي المسيحية ؟ .
فقد تزامن هذا الضطهاد مع وقت الفتوحات الإسلامية التي كان هدفها محاربة الطغاه وأعطاء الحرية للجميع لأختيار عقيدتهم ومنهجهم بالحرية والديمقراطية .
وها هي الفتوحات الإسلامية حررت أرض الشام من أيدي البيزنطيين زمن الخليفة الراشد الفاروق " عمر بن الخطاب " الذي عُـرف بسماحته وعدله ، فتطلع الأقباط إلى الخليفة عمر بن الخطاب لكي يبعث بمن يخلصهم من مخالب الروم ( البيزنطيين) واضطهادهم وفساد موظفيهم وجباة ضرائبهم . وبخاصة بعد أن سمعوا أن المسلمين لا يتدخلون في عقائد الآخرين { لا إكراه في الدين } و { لكم دينكم ولي دين } .
وقد تحقق النصر بفضل الله عز وجل على يد عمرو بن العاص في معركة بابليون 641م واضطر حاكم الإسكندرية تسليم المدينة للقائد المسلم ورحل هو ورجاله عام 642 م . وخرج الرهبان من أديرتهم يحملون الدفوف يرحبون بقدوم المسلمين فلا عجب في ذلك فالعرب هم أبناء السيدة هاجر ام سيدنا إسماعيل وزوجته سيدنا إبراهيم عليهم السلام وهي أخت المصريين جميعاً .
وبعدها خرج البطريرك الجبان بنيامين من مخبأه في الصحاري ورحب به عمرو بن العاص وأعاده لمنصبه مرة أخرى كرئيساً للكنيسة القبطية ، فكتب بنيامين رسالة للمصريين ويقول : { أن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعواناً } .
ولقد كان القائد عمرو بن العاص متفقاً تماماً مع أحاديث الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه وسلامع عن مصر والتي منها .
"إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً . فإن لهم ذمة ورحماً ".
"إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الأرض . لأنهم في رباط إلى يوم القيامة "
وما إن دخل الإسلام أرض مصر حتى تزوج المسلمين من نساء القبط وانتشر الإسلام بسرعة فائقة نظراً لتعاليمه السمحة والتي حاربة التعاليم الوثنية التي امتذجت بالديانة المسيحية فاصبح من الصعب التمييز وإصحاح ما فسده الوثنيون بالتعاليم المسيحية .
هذه هي الحقبة القبطية والتي من خلالها أظهرنا أن المسيحية ديانة مهلهلة ضعيفة لا تملك من القوة شيء لتحمي نفسها ولا تحتوى على حقائق ثابتة تناقض من ذكرناه لأن التاريخ شاهد على الأحداث . فمصر لم تكن دولة مسيحية من قبل لأنها لم يحكمها مسيحي فترة دخول المسيحية مصر من القرن الثالث إلى القرن السابع وقت فتح المسلمين لها .
وهل يُعقل أن يحكم مصر أفراد يعيشون على مبدأ : من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا
فإن لم يؤمن النصارى بأقول الرسول ، فها هو هتلر يقر بأنه لو كان جيشه مصريين لغزا العالم وأحتله أجمع ... فهل بعد ذلك يحكمها مبدأ : من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا