نشمي مشرف
عدد المساهمات : 228 تاريخ التسجيل : 23/05/2008
| موضوع: [الاعترافات التلفزيونية] التي تفرض على المتهمين السنة تحرمهم من حقهم في محاكمة عادلة، وتعرض القضاة والمحامين الى تهديدات الشارع الشيعي..! الخميس يناير 26, 2012 10:02 pm | |
| [الاعترافات التلفزيونية] التي تفرض على المتهمين السنة تحرمهم من حقهم في محاكمة عادلة، وتعرض القضاة والمحامين الى تهديدات الشارع الشيعي..! 2012-01-23 :: د. عادل البيـاتي ::
مع تصاعد الأزمة السياسية في العراق، والتناحر بين فرقاء العملية السياسية، أعلنت قيادة عمليات بغداد، أنها ستعرض اعترافات مجموعة ثانية تضم ثلاثة من حماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بينهم ضابط برتبة عميد في وزارة الداخلية خلال 72 ساعة.
وكانت وسائل إعلام الحكومة قد عرضت في 19-12-2011 ماسميت باعترافات لمجموعة من أفراد حماية السيد الهاشمي بشأن قيامهم بأعمال إرهابية بأوامر منه. وأنكر الهاشمي التهم الموجهة إليه والاعترافات المذاعة تلفزيونيا وأكد أنها ملفقة ومأخوذة بشكل غير قانوني، وأنه مستعد للمثول أمام القضاء العراقي إذا توافرت الضمانات الأمنية والقضائية المطمئنة. وتقدم الهاشمي عن طريق موكليه بطلب لنقل الدعوى المثارة ضده إلى إحدى محاكم كركوك وفقا للحق القانوني الوارد بقانون أصول المحاكمات الجزائية، إلا أن محكمة التمييز – كما أعلن بالإعلام – رفضت طلب نقلها من محاكم بغداد.
ولا شك في أن موضوع عرض أخبار التحقيقات الجنائية واعترافات المتهمين في مرحلة الاستدلال أو التحقيق الابتدائي من خلال وسائل الإعلام يثير إشكاليات قانونية وحقوقية تتصل بالإجراءات الجنائية واحترام مبدأ دستوري هو (أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بقرار قضائي من محكمة مختصة). كما يثير الموضوع إشكالية حقوقية تتصل بمبدأ ثابت من حقوق الإنسان ألا وهو إحترام حق الخصوصية، وعدم تشويه سمعة الإنسان إلا بموجب أدلة قضائية معتبرة.
وهذا يعني أنه لابد من الالتزام بكل الإجراءات الجزائية المنصوص عليها قانوناً وأمام من يباشر هذه الإجراءات، ولقد كفلت الدساتير ومنها العراقي حق الأفراد في المحاكمة العادلة، وكذلك حقهم في عدم التعرض لخصوصياتهم أو التشهير بهم في وسائل العلن قبل أن يصدر قرار قضائي بات بالإدانة. كما أن من مقتضيات المحاكمة العادلة ألا يتعرض القاضي إلى ضغوطات الرأي العام، أو الأغراض الحزبية الضيقة، أو إرضاء السلطات التنفيذية أو رجال الأحزاب في تحقيق مآربهم الشخصية والسياسية.
كما ان الاتجاه الذي سلكته مختلف تشريعات تنظيم الانشطة الاعلامية، ومنها قانون المطبوعات العراقي، هو منع نشر إجراءات التحقيق الابتدائي بما فيها أقوال المتهمين استنادا إلى قاعدة أن (المتهم برئ حتى تثبت إدانته) ولايجوز التشهير بشخص مادام لم يصدر بحقه حكم قضائي بات.
وبحكم ان العراق قد انضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب فإنه معرض بموجب المادتين 21 و22 من الاتفاقية إلى رقابة هيئات المراقبة التي قد توفدها الأمم المتحدة بموجب الصلاحيات المخولة لها بموجب الاتفاقية للتأكد من الممارسات التعذيبية التي باتت ديدن الأجهزة الأمنية والتحقيقية في كل العهود إرضاءً لشهوات الحاكمين في الانتقام من الخصوم والمعارضين.
إن ما أقدمت عليه سلطات الإعلام الحكومية الخاضعة لسيطرة حزب الحكومة وللسلطة التنفيذية، من عرض اعترافات لمتهمين مازالوا في مرحلتى جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي أمر يخالف منطوق ومضمون الدستور العراقي م 19: (خامساً:ـ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمةٍ قانونيةٍ عادلةٍ، ولا يُحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرةً أخرى بعد الإفراج، عنه إلا إذا ظهرت أدلةٌ جديدة).
وإذا ما كانت الاعترافات قد انتزعت بالتعذيب وهذا أمر وارد جداً في ظل انتشار هذه الممارسات في أجهزة التحقيق في العراق، وخضوعها للسلطة التنفيذية وأهواء الحزب الحاكم لأغراض التصفيات الطائفية والتسقيط السياسي، فإن ذاك يعد مخالفة للمادة (35) من الدستور التي نصت على: (أ- حرية الإنسان وكرامته مصونةٌ. ب - لا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرارٍ قضائي. ج - يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون).
كما أن نشر الأقوال في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي فيه مس بحرية القضاء وتأثير وضغط معنوي على القضاة، وقد نصت المادة (85) من الدستور العراقي الدائم على: (القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لاية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة).
نشر أو بث اعترافات المتهمين وهم مازالوا في أول مرحلة من مراحل التحقيق الابتدائي يضر بسير العدالة ويجعل التحقيق خاضعا لأهواء وضغوطات الرأي العام الذي قد يشكل عامل ضغط على القضاة في اصدار احكامهم متأثرين بضغوط الرأي العام أو بالضغوط السياسية للأحزاب والتكتلات وضغط السلطة التنفيذية (الحكومة) التي تريد تحقيق مكاسب انتخابية او سياسية من عرض اعترافات قد يكون الهدف منها التسقيط السياسي كما هو في قضية اتهام حمايات طارق الهاشمي.
كما ان جرائم جسيمة بمثل تلك الموجه بها الاتهام الى حمايات طارق الهاشمي، تتطلب كثيرا من التأني والنظر في الاقوال ومناقشة المتهمين، وجمع الادلة المادية واقوال الشهود واجراء كشوف الدلالة وهذه تتطلب أياما طويلة وليس مجرد (24 – 48 ساعة) بين القبض والتحقيق وبين تسجيل الاعترافات تلفزيونيا ومنتجتها فنيا ومن ثم عرضها على الجمهور لأغراض سياسية بحتة، وهي تثير الشبهات في:
1- الدوافع السياسية والرغبة في التسقيط السياسي للخصوم والمناوئين. 2- انتزاع الاعترافات بوسائل القهر والتعذيب وهو مادرجت عليه اجهزة التحقيق في العراق في العقود الاخيرة وخاصة ما بعد الاحتلال بشهادة المنظمات الحقوقية الدولية. 3- التأثير على القضاة والسلطة القضائية حيث لا يعقل مطلقا لقاضي محترم يحترم نفسه ومهنته أن يعطي الإذن للسلطة التنفيذية أن تقوم باستجواب تلفزيوني لمتهمين مازالوا في مرحلة التحقيق الابتدائي وعرضها أمام الجمهور وهي لم تكتمل استيفاء الإجراءات القانونية المطلوبة بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهذا يشكل إنتهاكا للسلطة القضائية وخرقا لاستقلاليتها.
4- ماتم نشره مجتزءاً من اعترافات تبدو للعيان (تلقينية) يحمل الكثير من الشحن والتحريض الطائفي حيث ان الاجتزاء والتقطيع واضح في الاشرطة المعروضة والتي مازالت معروضة على موقع اليوتيوب تحمل عبارات ماكان ينبغي السماح أساساً بعرضها للعلن، في وقت يجب أن تتصرف السلطة التنفيذية بعقلانية وحكمة حقنا للدماء وامتصاصا للشحن الطائفي الذي مارسته في اكثر من مناسبة وبما لا يخدم أمن العراق ووحدة المجتمع العراقي.
إن نشر اعترافات منتزعة تحت التعذيب والقهر، وبأساليب نعرفها ويعرفها العراقيون وكل من مر بتلك الأقبية المسماة مقرات التحقيق، ولأغراض سياسية وتصفية حسابات بين السياسيين أمر يضر بالأمن الاجتماعي في بلد محطم منتهك منخور بالفتنة الطائفية والشحن الطائفي، ولن تزيد الواقع العراقي إلا تمزيقاً وتخريباً.
وقبل أن يتم بث الاعترافات الجديدة المتلفزة، أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن ارجاء بث الاعترافات لحين استكمال الاجراءات القضائية اللازمة، وتبين ان مجلس القضاء منزعج من تسييس القضية ومن تدخلات السلطة التنفيذية، حيث أشارت مصادر قضائية أن قضاة مرتبطين بملف نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي هددوا بإصدار مذكرة اعتقال بحق الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد الفريق قاسم عطا، فور إعلانه عن اعترافات جديدة لعناصر حماية الهاشمي وأضاف المصدر بأن القضاة منزعجون جدا عن وجود محاولات لتسيس الملفات القضائية والتدخل السافر في عمل القضاء المستقل.
وقال المصدر إن القضاة أبلغوا الجهات الحكومية المسؤولة بضرورة عدم بث أي مادة إعلامية ترتبط بعمل القضاء الا من خلال مجلس القضاء الأعلى حصراً وبدون تدخل أي جهة من أجل الحفاظ على حقوق المتهمين واستقلالية القضاء.
| |
|