VIP
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 28/12/2009
| موضوع: الفارغ والمليان الإثنين ديسمبر 28, 2009 1:28 am | |
| حديثنا اليوم ايها الاحبة عن الفارغ والمليان
ولاأعني الفارغ من الاواني والميان منها وان كان فحوى الحديث يصب قريبا من هذا المعنى لكن بامتداده المعنوي لا الحسي
الفارغ الذي نتكلم عنه هو كل من , أرملت يده , وخلي وفاصه وقد يصعب على الانسان العادي ان يستبين الفاضي من الناس على خلاف نظيره من الجمادات
فأنت تقدر بمجرد نظرة ان تعرف ان الاناء الذي امامك فاض لكنه قد يصعب عليك ان تعرف ان الانسان الذي بين يديك ولو امعنت فيه النظر انه فارغ وفاض خصوصا اذا ملك القدرة على التلون وحاز المعرفة باساليب التخفي
فكم من رجل او إمرأة تجلس الى احدهما فينبيك مخبره عن امور يحاول هو جاهدا ان يظهرها او يظهر بمظهر المالك لها لكن سرعان ماتزول الغشاوة عن العين فتستبين الحقيقة من المَـــين
وقد جسد الشاعر هذا المعنى بقوله : ومهما تكن من امريء من خليقة ..... وان خالها تخفى على الناس تُــعــلم
فمهما حاول المرء ان يظهر بمظهر المليان وهو فارغ على الحقيقة فلابد ان ينكشف عواره وتبدو سوأته هذا امر في غاية الاهمية ان يعرفه المرء فلاينزل نفسه فوق القدر الذي تستحقه
وامر اخر روينا في اخبار العرب ان المرء مهما ارتفع بنفسه فوق العباد بغير وجه حق فانه لابد ان يقع على ام رأسه فيشجها ’ وعلى قدر حاله من الشموخ يكون سقوطة .
ولعل قائل يقول فربما ظن الانسان في نفسه انه مليان فتصرف على هذا الاساس فهل يؤاخذ والحالة هذه على ظنه في نفسه ام على تشبعه بما لم يُـــعـــطَ ؟
نقول : لايخفى على اللبيب الاريب ان الناس اربعة كما قسمهم العرب الشماطيط
فرجل يدري ويدري انه يدري ذاك عالم فاتبعوه ورجل يدري ولايدري انه يدري وذاك ناس فذكروه ورجل لايدري ويدري انه لايدري فذاك جاهل فعلموه ورجل لايدري ولايدري انه لايدري وذاك احمق فاجتنبوه
ولو جئنا لنطبق هذا التقسيم على سؤال السائل لوجدنا ان الذي سأل عنه ينطبق عليه وصف الرجل الرابع انطباق القفاز على الكف ويحيط به احاطة السوار بالمعصم فوجب والحالة هذه الحذر منه وتجنبه
لكن !
ولكي يخرج المرء من دائرة الحرج لتشابه حال الرجلين الاخيرين في مثالنا السابق مما قد يشكل على المرْء اول الامر فلابأس ان يُـــذَكّـــر اهلُ الفضل اهلَ الجهل باحوالهم وماهم عليه بالطف عبارة وارق اشارة
وقد اعجبني في قديم ماقرأته لكم قصة الخروف والذئب ولابأس ان نسردها هنا
راجين وآملين اخذ العبرة منها ونحن اذ نسردها في موضوعنا هنا فللتبيين وليقف القاريء الكريم على بعض ماقد يكون فاته الوقوف عليه من ادب العرب
يروى ان ذئبا مر على خروف وهو على سطح دار سيده فما إن مرّ الذئب من تحت السطح وابصره الخروف ورأى انه ( اي الذئب ) في سفل وهو في علو
حتى اندفع يكيل له الشتائم والسباب بما يعجز عنه سحبان وائل
فنظر الذئب الى الخروف وقال له : أتدري ايها الخروف من الذي يسبني الساعة ؟ إنه المكان الذي تقف عليه وليس انت
والشاهد من القصة ايها القاريء الكريم انه ربما ظنّ الفارغ في نفسه انه مليان وان ماينضح من جوانبه انما هو فضل الزيادة لكن الحقيقة تكون على خلاف ماظن وخمّــن
وأخيرا فربما يقول قائل : إذا كان الفارغ من الجمادات يمكن معرفته بنظرة خاطفة وإذا كان الفارغ من الانس ربما اشكلت معرفته وخفيت فهل لها من امارات ؟
نقول: نعم !
وهل قالت العرب في امثالها البعرة تدل على البعير والاثر يدل على المسير
إلا لتضرب لنا الامثال وتعطينا الاشارات لنميز الخبيث من الطيب ونفرق بين الحجر والمدر ونمايز بين الفارغ والمليان !؟
فأذا قلت : فما أماراته ؟ نقول كثيرة لكن نعدد لك منها امورا ونترك لك امورا أخرى تستدركها على موضوعنا
فمن أمارات الفارغ ايها الاحباب أنـــه , يشمخ بنقسه عاليا حتى يكاد يصكُّ الجوزاء برأسه لابيده وهو من عرّض به الشاعر بقوله :
ملأى السنابل ينحنين تواضعا ------- والفارغات رؤوسهن شوامخ
فإذا ابصرت احدا يشمخ برأسه في حق وفي باطل فاعلم انه فارغ إلا من الكبر وبئس البضاعة يحتجنها المرء الكبر
ومن أماراته انك تراه يهجم على كل أمر ويدلي دلوه في كل جب ويميل مع الهوى حيثما مال ومامن امر يلج فيه او يخرج منه الا ونادى بلسان حاله إنْ اعجزه مقاله ان يقول هاانذا
وهو من عناه الشاعر بقوله : القاب مملكة في غير موضعها ++++ كالقط يحكي ناتفاخا صولة الاسد
ومن اماراته أنك تراه يرنو الى المديح ولو بباطل كما ترنو الطامح من النساء فإذا ما إمتدحه احدُ بباطل فانه يطير بالمديح طربا حتى تكاد تخشى عليه ان ينفجر فؤاده وتراه يحدث به كل من يستمع له حتى تخشى عليه ان تنفتق لهاته وهذا لعلة ظاهرة لذوي الالباب الا وهي : مركب النقص الذي موضعه علم النفس واهل الصنعة فيه الاطباء النفسانيون
ومن اماراته انه اذا كان خاليا من مخايل الجود او فارغا من خصائل الكرم فإنه يعمد الى الاحلام , فيحلم حال يقظته انه من الاجواد وانه لو ملك كذا لانفق كذا ولو حاز كذا لتصدق بكذا فإذا ما جادت يده بنائل فانه يصير يبث احاديث الكرم واخبار الكرماء لكنه حينما يبصر غيره من اهل الفضل والسماحة والندى يجود باضعاف ماأعطى هو فانه يشغب عليهم ويستميت في نشر مايتوهمه من مثالبهم ليصرف الناس عنهم
وأمارات اخرى ربما اتحفنا بها القاريء الكريم فاعطى للموضوع بعدا اخر
أعتذر عن الاطالة لكنها كلمات جاشت بها النفس وأحببت ان اشرككم بها فماكان فيها من خير فمن الله وماكان من شر فمن نفسي والشيطان
والصدر رحب لسماع رأي المخالف والشكر موصول لمن نشر الحسن واخفى التالف والسلام | |
|
جلجامش
عدد المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| |
VIP
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 28/12/2009
| موضوع: رد: الفارغ والمليان الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 9:54 pm | |
| حياك الله اخي الكريم جلجامش على المرور الطيب واكرمت تواضعنا بمرورك العطر | |
|